أعلنت الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (NASA) اليوم عن إنجاز مرحلة بالغة الأهمية في تطوير طائرتها التجريبية X-59 المخصصة لتحقيق الطيران فوق الصوتي الهادئ، حيث تم تشغيل محركات الطائرة بنجاح وبدء اختبارات التاكسي على المدرج. وقد دخلت هذه الطائرة مرحلة التطوير منذ عام 2023، عندما قامت ناسا بتوصيل ذيل الطائرة بجسمها الرئيسي، مع توقع بدء الاختبارات لاحقًا في نفس العام. ومع ذلك، شهد المشروع بعض التأخير في التقدم، حيث كشفت الوكالة الفضائية منذ قليل أن X-59 قامت بتشغيل محركاتها لأول مرة اليوم وبدأت اختبارات التحرك على الأرض.ناسا تحقق انجازاً حاسمًا في مشروع الطائرة X-59 للأبحاث فوق الصوتية
X-59: طائرة فريدة بدون نوافذ أمامية
تتميز X-59 بتصميم غير تقليدي، حيث تخلو من النوافذ الأمامية بسبب أنفها الطويل، وهو أمر ضروري لدراسة خصائص الطيران فوق الصوتي. تهدف ناسا من خلال هذا المشروع إلى اختبار تقنية تقلل من الضوضاء الصادمة الناتجة عن اختراق حاجز الصوت، مما قد يفتح الباب أمام رحلات تجارية فوق صوتية أكثر هدوءًا في المستقبل. وقد كشفت الوكالة النقاب عن الطائرة مكتملة التجميع في حفل خاص أقيم في يناير الماضي، ومنذ ذلك الحين، حققت سلسلة من الإنجازات الهامة، منها:
- معايرة الأدوات استعدادًا لرحلة الاختبار النهائية.
- اختبار ثبات سرعة المحرك وفحص كفاءته تحت ظروف تشغيل مختلفة.
- اختبارات التوافق الكهرومغناطيسي لضمان عدم تأثر أنظمة الطائرة بالتشويش.
- سلسلة اختبارات محرك مكثفة، شملت تشغيله بأقصى قوة دفع باستخدام الحارق اللاحق (afterburner).
اختبارات التاكسي: الخطوة الأخيرة قبل الإقلاع
في العاشر من الشهر الجاري، أجريت أحدث اختبارات X-59 في منشأة القوات الجوية “Plant 42” بمدينة بالمديل، كاليفورنيا، حيث تحركت الطائرة على المدرج باستخدام طاقتها الذاتية لأول مرة. ووصفت ناسا هذا الاختبار بأنه بداية لسلسلة حاسمة من التقييمات النهائية التي تسبق الرحلة التاريخية المتوقعة للطائرة.
وخلال الأيام المقبلة، ستواصل الوكالة إجراء اختبارات مماثلة، تزيد فيها سرعة الطائرة تدريجيًا مع تقييم أداء أنظمتها المختلفة، مثل التوجيه، الفرامل، والتحكم في الحركة، إلى أن تصل إلى السرعة المثلى للإقلاع.
صممت X-59 خصيصًا لتنفيذ مهمة “كويسست” (Quesst) التابعة لـ ناسا، والتي لا تهدف فقط إلى تحقيق طيران فوق صوتي أقل ضجيجًا، بل أيضًا إلى اختبار قدرة الطيار على القيادة دون وجود نوافذ أمامية، حيث يعتمد بدلاً من ذلك على شاشات عالية الدقة تعرض مشهدًا أماميًا افتراضيًا.
عندما تحلق X-59 بسرعة 1.5 ماخ (أسرع من الصوت بـ 1.5 مرة)، فإن تصميمها الديناميكي يمنع موجات الصدمة من التجمع في الخلف، مما يقلل من صوت “الفرقعة الصوتية” المزعجة المرتبطة عادةً بالطائرات فوق الصوتية. ويؤدي الأنف الطويل للطائرة، الذي يشكل ثلث طولها البالغ 100 قدم تقريبًا، دورًا محوريًا في تشتيت الموجات الصوتية بكفاءة.
مستقبل السفر فوق الصوتي
بينما لا تزال X-59 في مرحلة الاختبارات الأرضية، فإن كل خطوة تقرب البشرية من عصر جديد من الطيران السريع والهادئ. إذا نجحت مهمة “كويسست”، فقد تمهد الطريق لتغيير القيود المفروضة على الرحلات فوق الصوتية فوق المناطق المأهولة، مما يفتح الباب أمام إحياء مشاريع الطائرات التجارية الأسرع من الصوت، مثل خليفة الكونكورد.
يظل التحدي الأكبر هو إقناع الجهات التنظيمية والمجتمعات المحلية بقبول هذه التكنولوجيا، لكن ناسا تعول على البيانات العلمية التي ستجمعها X-59 لإثبات أن الطيران فوق الصوتي يمكن أن يكون صديقًا للبيئة ومقبولًا من الجمهور.

هكذا، تقترب ناسا خطوة أخرى من إعادة كتابة مستقبل الطيران، حيث تصبح السرعة والهدوء شيئًا ممكنًا في آن واحد.